Jumat, 09 Maret 2012

إياك نعبد وإياك نستعين

        إياك نعبد وإياك نستعين -  اللغة العبادة : في اللغة تأتي لاحد معان ثلاثة : Ibadah mempunyai 3 arti: الاول : الطاعة ، 1- Taat ومنه قوله تعالى : " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين 36 : 60 " . فان عبادة الشيطان المنهي عنها في الاية المباركة إطاعته . الثاني : الخضوع والتذلل ، ومنه قوله تعالى : " فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون 23 : 47 " .   2- Tunduk dan merendah أي خاضعون متذللون ، ومنه أيضا إطلاق " المعبد " على الطريق الذي يكثر المرور عليه . الثالث : التأله ، ومنه قوله تعالى : " قل إنما أمرت أن أ عبد الله ولا أشرك به 13 : 36 " . وإلى المعنى الاخير ينصرف هذا اللفظ في العرف العام إذا أطلق دون قرينة . 3- Terhubung, tergantung والعبد : الانسان وإن كان حرا ، لانه مربوب لبارئه ، وخاضع له في وجوده وجميع شؤونه ، وإن تمرد عن أوامره ونواهيه . والعبد : الرقيق لانه مملوك وسلطانه بيد مالكه ، وقد يتوسع في لفظ العبد فيطلق على من يكثر اهتمامه بشئ حتى لا ينظر إلا إليه ، ومنه قول أبي عبد الله الحسين عليه السلام : " الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم وإذا محصوا بالبلاء قل الديانون " ( 1 ) . وقد يطلق العبد على المطيع الخاضع ، كما في قوله تعالى : " أن عبدت بني إسرائيل 26 : 22 " . أي جعلتهم خاضعين لا يتجاوزون عن أمرك ونهيك . الاستعانة : طلب المعونة ، تتعدى بنفسها وبالباء، يقال استعنته واستعنت به أي طلبت منه أن يكون عونا وظهيرا لي في أمر الاعراب " إياك " : في كلا الموردين مفعول قدم على الفعل لافادة الحصر ، وفي الاية التفات من الغيبة إلى الخطاب . والسر في ذلك أحد أمرين : الاول : أن سابق هذه الاية الكريمة قد دل على أن الله سبحانه هو المالك لجميع الموجودات ، والمربي لها والقائم بشؤونها ، وهذا يقتضي أن تكون الاشياء كلها حاضرة لديه تعالى ، وأن يكون - سبحانه - محيطا بالعباد وبأعمالهم ليجازيهم يوم الدين بالطاعة أو بالمعصية ، واقتضى ذلك أن يظهر العبد حضوره بين يدي ربه ويخاطبه . الثاني : ان حقيقة العبادة خضوع العبد لربه بما أنه ربه والقائم بأمره والربوبية تقتضي حضور الرب لتربية مربوبه ، وتدبير شؤونه . وكذلك الحال في الاستعانة فإن حاجة الانسان إلى إعانة ربه وعدم استقلاله عنه في عبادته تقتضي حضور المعبود لتتحقق منه الاعانة ، فلهذين الامرين عدل السياق من الغيبة إلى الخطاب فالعبد حاضر بين يدي ربه غير غائب عنه . التفسير بعد أن مجد الله نفسه بالايات المتقدمة لقن عباده أن يتلوا هذه الاية الكريمة وأن يعترفوا بمدلولها وبمغزاها ، فهم لا يعبدون إلا الله ، ولا يستعينون إلا به ، فإن ما سوى الله من الموجودات فقير في ذاته ، عاجز في نفسه ، بل هو لا شئ بحت ، إلا أن تشمله العناية الالهية ، ومن هذا شأنه لا يستحق أن يعبد أو يستعان ، والممكنات كلها - وان اختلفت مراتبها بالكمال والنقص - تشترك في صفة العجز اللازمة للامكان ، وفي ان جميعها تحت حكم الله وإرادته " ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين 47 : 54 . ولله ملك السماوات والارض وإلى الله المصير 24 : 42 " . من ذا الذي يعارضه في سلطانه وينازعه في أمره وحكمه ؟ وهو القابض والباسط ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فالمؤمن لا يعبد غير الله ، ولا يستعين إلا به ، فان غير الله - أيا كان - محتاج إلى الله في جميع شؤونه وأطواره والمعبود لا بد وأن يكون غنيا ، وكيف يعبد الفقير فقيرا مثله ؟ ! . وعلى الجملة : الايمان بالله يقتضي أن لا يعبد الانسان أحدا سواه ، ولا يسأل حاجته إلا منه ، ولا يتكل إلا عليه ، ولا يستعين إلا به ، وإلا فقد أشرك بالله وحكم في سلطانه غيره : " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه 17 : 23 " .  العبادة والتأله . العبادة والطاعة . العبادة والخضوع .  السجود لغير الله . دواعي العبادة . حصر الاستعانة بالله . الشفاعة . العبادة والتأله : مما لا يرتاب فيه مسلم : ان العبادة بمعنى التأله تختص بالله سبحانه وحده ، وقد قلنا : إن هذا المعنى هو الذي ينصرف إليه لفظ العبادة عند الاطلاق ، وهذا هو التوحيد الذي ارسلت به الرسل ، وأنزلت لاجله الكتب : " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله 3 : 64 " . فالايمان بالله تعالى لا يجتمع مع عبادة غيره ، سواء أنشأت هذه العبادة عن اعتقاد التعدد في الخالق ، وإنكار التوحيد في الذات ، أم نشأت عن الاعتقاد بأن الخلق معزولون عن الله فلا يصل إليه دعاؤهم ، وهم محتاجون إلى إله أو آلهة اخرى تكون وسائط بينهم وبين الله يقربونهم إليه ، وشأنه في ذلك شأن الملوك وحفدتهم ، فإن الملك لما كان بعيدا عن الرعية احتاجت إلى وسائط يقضون حوائجهم ، ويجيبون دعواتهم . وقد أبطل الله سبحانه كلا الاعتقادين في كتابه العزيز ، فقال تعالى في إبطال الاعتقاد بتعدد الالهة :  " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا 21 : 22 . وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعضه سبحان الله عما يصفون 23 : 91 " . وأما الاعتقاد الثاني - وهو إنما ينشأ عن مقايسته بالملوك والزعماء من البشر - فقد أبطله الله بوجوه من البيان : فتارة يطلب البرهان على هذه الدعوى ، وأنها مما لم يدل عليه دليل ، فقال : " أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين 27 : 64 . قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين 26 : 71 . قال هل يسمعونكم إذ تدعون : 72 . أو ينفعونكم أو يضرون : 73 . قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون : 74 " . وأخرى بإرشادهم إلى ما يدركونه بحواسهم من أن ما يعبدونه لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ، والذي لا يملك شيئا من النفع والضر ، والقبض والبسط ، والاماتة والاحياء ، لا يكون إلا مخلوقا ضعيفا ، ولا ينبغي أن يتخذ إلها معبودا : " قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم 21 : 66 . أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون : 67 . قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا 5 : 6 . ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين 7 : 148 " .     -  ص 456 - وهذا الحكم عقلي فطري شاءت الحكمة أن تنبه العباد عليه في هذه الايات المباركة ، وهو سار في كل موجود ممكن محتاج ، وإن كان نبيا : " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب 5 : 116 . ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم : 117 " . وأبطل هذا الاعتقاد مرة ثالثة ، بأن الله قريب من عباده يسمع نجواهم ويجيب دعواهم ، وأنه القائم بتدبيرهم وبتربيتهم ، فقال تعالى : " ونحن أقرب إليه من حب الوريد 50 : 16 . أليس الله بكاف عبده 39 : 36 . أدعوني أستجب لكم 40 : 60 . وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير 6 : 18 . قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الارض والله على كل شئ قدير 3 : 29 . وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله 10 : 107 . وإن يمسسك بخير فهو على ( البيان - 30 )  -  ص 466 - كل شئ قدير 6 : 17 . الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر 13 : 26 . إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين 51 : 58 . ليس كمثله شئ وهو السميع البصير 42 : 11 . ألا إنه بكل شئ محيط 41 : 54 . فالله سبحانه غير معزول عن خلقه ، وأمورهم كلها بيده ، ولا يفتقر العباد إلى وسائط تبلغه حوائجهم ، ليكونوا شركاء له في العبادة ، بل الناس كلهم شرع سواء في أن الله ربهم وهو القائم بشؤونهم : " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا 58 : 7 . كذلك الله يفعل ما يشاء 3 : 40 . إن الله يحكم ما يريد 5 : 1 " وعلى الجملة ، لا شك لمسلم في ذلك . وهذا ما يمتاز به الموحد عن غيره ، فمن عبد غير الله واتخذه ربا كان كافرا مشركا. إذا عرفت هذا ، فالناس في هذين الأصلين وهما العبادة والاستعانة أربعة أقسام :  [ ص: 100 ] أجلها وأفضلها : أهل العبادة والاستعانة بالله عليها ، فعبادة الله غاية مرادهم ، وطلبهم منه أن يعينهم عليها ، ويوفقهم للقيام بها ، ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته ، وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لحبه معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فقال " يا معاذ ، والله إني لأحبك ، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " .  فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته ، وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب ، وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا ، وعلى دفع ما يضاده ، وعلى تكميله وتيسير أسبابه ، فتأملها .  وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه : تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ، ثم رأيته في الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين .  ومقابل هؤلاء القسم الثاني ، وهم المعرضون عن عبادته والاستعانة به ، فلا عبادة ولا استعانة ، بل إن سأله أحدهم واستعان به فعلى حظوظه وشهواته ، لا على مرضاة ربه وحقوقه ، فإنه سبحانه يسأله من في السماوات والأرض يسأله أولياؤه وأعداؤه ويمد هؤلاء وهؤلاء ، وأبغض خلقه عدوه إبليس ومع هذا فقد سأله حاجة فأعطاه إياها ، ومتعه بها ، ولكن لما لم تكن عونا له على مرضاته ، كانت زيادة له في شقوته ، وبعده عن الله وطرده عنه ، وهكذا كل من استعان به على أمر وسأله إياه ، ولم يكن عونا على طاعته كان مبعدا له عن مرضاته ، قاطعا له عنه ولا بد .  وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره ، وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه ، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له ، وفيها هلاكه وشقوته ، ويكون قضاؤه له من هوانه عليه ، وسقوطه من عينه ، ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له ، فيمنعه حماية وصيانة وحفظا لا بخلا ، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ، ويعامله بلطفه ، فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ، ويراه يقضي حوائج غيره ، فيسيء ظنه [ ص: 101 ] بربه ، وهذا حشو قلبه ولا يشعر به ، والمعصوم من عصمه الله ، والإنسان على نفسه بصيرة ، وعلامة هذا حمله على الأقدار وعتابه الباطن لها ، كما قيل :  وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدرا فوالله لو كشف عن حاصله وسره لرأى هناك معاتبة القدر واتهامه ، وأنه قد كان ينبغي أن يكون كذا وكذا ، ولكن ما حيلتي ، والأمر ليس إلي ؟ والعاقل خصم نفسه ، والجاهل خصم أقدار ربه .  فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئا معينا خيرته وعاقبته مغيبة عنك ، وإذا لم تجد من سؤاله بدا ، فعلقه على شرط علمه تعالى فيه الخيرة ، وقدم بين يدي سؤالك الاستخارة ، ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة ، بل استخارة من لا علم له بمصالحه ، ولا قدرة له عليها ، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها ، ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، بل إن وكل إلى نفسه هلك كل الهلاك ، وانفرط عليه أمره .  وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤال تسأله أن يجعله عونا لك على طاعته وبلاغا إلى مرضاته ، ولا يجعله قاطعا لك عنه ، ولا مبعدا عن مرضاته ، ولا تظن أن عطاءه كل ما أعطى لكرامة عبده عليه ، ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه ، ولكن عطاءه ومنعه ابتلاء وامتحان ، يمتحن بهما عباده ، قال الله تعالى فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته ، وما ذاك لكرامته علي ، ولكنه ابتلاء مني ، وامتحان له أيشكرني فأعطيه فوق ذلك ، أم يكفرني فأسلبه إياه ، وأخول فيه غيره ؟ وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه ، وجعلته بقدر لا يفضل عنه ، فذلك من هوانه علي ، ولكنه ابتلاء وامتحان مني له أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق ، أم يتسخط فيكون حظه السخط ؟ .  فرد الله سبحانه على من ظن أن سعة الرزق إكرام ، وأن الفقر إهانة ، فقال : لم أبتل عبدي بالغنى لكرامته علي ، ولم أبتله بالفقر لهوانه علي ، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وتقديره ، فإنه سبحانه يوسع على الكافر لا لكرامته ، ويقتر على المؤمن لا لإهانته ، إنما يكرم من يكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته ، ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته ، فله الحمد على هذا وعلى هذا ، وهو الغني الحميد . 

Tidak ada komentar:

Posting Komentar